{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 9/ 60].حصر اللّه تعالى بكلمة {إِنَّمَا} في مطلع هذه الآية مصارف الزكاة، والمعنى: إنما الزكوات المفروضة مستحقة لهؤلاء المسلمين المعدودين دون غيرهم، وهذا رد على المنافقين الذين عابوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في الصدقات، لبيان مصارفها من غير نقد من أحد، ولا مجال للاعتراض أو الطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام في قسمة الزكوات الواجبة، فهي مقصورة على ثمانية أصناف من المسلمين، وإنما اختلف العلماء في صورة القسمة، فرأى جماعة كالإمام مالك وأبي حنيفة وابن حنبل: أن ذلك على قدر اجتهاد الإمام وبحسب أهل الحاجة ولو لصنف واحد. ورأى آخرون كالإمام الشافعي: أن الزكاة ثمانية أقسام على ثمانية أصناف، لا يخلّ بواحد منها إلا أن إعطاء المؤلفة قلوبهم يكون عند وجود الداعي إلى التأليف، ولا يجوز صرف الزكاة لأقل من ثلاثة أشخاص من كل صنف لأن أقل الجمع ثلاثة.الصنف الأول: هم الفقراء المعدمون المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم، ولا يملكون شيئا من مال ولا كسب يغطي حوائجهم.والصنف الثاني: هم المساكين الذين يملكون أقل من كفايتهم، أي أن لديهم شيئا من المال أو الدخل، ولكنه أقل من الحاجة، أو المصاريف الضرورية اللازمة للأسرة من زوجين وأولاد. وهذا يتغير بتغير الزمان وأحوال المدخولات وأسعار الأشياء وظروف المعيشة المتوسطة المعتادة.وأجمع العلماء على أن من له دار وخادم لا يستغني عنهما أن له أن يأخذ من الزكاة، وللمعطي أن يعطيه، ويرى الإمام أبو حنيفة: أن من ملك نصاب الزكاة وهو يقدر اليوم ب 39000 ل. س، فلا يأخذ من الزكاة، ويعطى من الزكاة في رأي المالكية والشافعية من لم يجد من المال كفاية السنة. ولا تنقل الزكاة من بلد المال الذي تجب فيه الزكاة إلى بلد آخر إلا لضرورة أو حاجة، كأن لم يوجد فقراء في البلد، أو لقريب محتاج، أو لفقير أحوج إلى المال، أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين.الصنف الثالث: هم العاملون على جباية الزكاة من أهلها، وهم السعاة والجباة الذين يبعثهم الإمام الحاكم لتحصيل الزكاة بالتوكيل على ذلك، ويشمل ذلك في عصرنا القائمين على مؤسسات أو صناديق الزكاة في البلدان الإسلامية. ويعطى هؤلاء بقدر كفايتهم بصفة أجر على عملهم وإن كانوا أغنياء.الصنف الرابع: هم المؤلفة قلوبهم وهم غير المسلمين لتأليف قلوبهم على الدخول في الإسلام، أو المسلمون الذين أظهروا الإسلام، ولكنهم ضعاف النية واليقين، والعزيمة والاستقرار في ساحة هذا الدين، يعطون من الزكاة لتثبيت وتقوية إسلامهم وعزائمهم، أو لأنهم شرفاء في قومهم يتوقع بإعطائهم من الزكاة استمالة أتباعهم ونظرائهم. ويستمر هذا المصرف عند الحاجة.الصنف الخامس: وهم الأرقاء أو العبيد المكاتبون المسلمون الذين كاتبهم أو تعاقد معهم أسيادهم على التحرير إذا قدموا أقساطا من المال في فترة زمنية معينة، ولم يعد لهم وجود الآن بعد الاتفاق العالمي على إنهاء الرق من العالم عام 1952.الصنف السادس: وهم الغارمون، أي المدينون الذين ركبهم الدّين ولا وفاء عندهم به، أو الذين استدانوا مبلغا من المال لإصلاح ذات البين بين فريقين من الناس، ولو كانوا غير مسلمين.الصنف السابع: في سبيل اللّه، وهم المجاهدون الذين لا حق لهم في ديوان الجند، يعطون ما ينفقون في معاركهم، ولو كانوا أغنياء، ترغيبا لهم في الجهاد.الصنف الثامن: ابن السبيل وهو المسافر المحتاج المنقطع في أثناء الطريق عن بلده، أو الذي يريد السفر في طاعة غير معصية، فيعجز عن بلوغ مقصده إلا بمعونة.والطاعة تشمل الحج والجهاد والزيارة المندوبة، وليست المباحة فقط كالرياضة والسياحة. هؤلاء الأصناف الثمانية هم مستحقو الزكاة دون غيرهم.أوصاف أخرى للمنافقين:كان القرآن الكريم حكيما معتدلا في حكمه على المنافقين عند نزول الوحي، سكت عنهم في مبدأ الأمر، ثم كشف عن زيفهم وسوء أخلاقهم وطبائعهم، وأظهر خبث أعمالهم وتصرفاتهم، وفحش أقوالهم وكلامهم، وموقفهم العدائي من نبي اللّه ومن المؤمنين، وهذه أوصاف أخرى لهم، قال اللّه تعالى: